للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (الخفيف)

هابك اللّيل والنّهار فلو تن ... هاهما لم تجر بك الأيّام

قال: يرحم الله أبا الطّيب! لقد اجتهد في قيل الباطل، ورضي على ذلك بعطاء زهيد! ولو أن هذا البيت في صفة الله - عزّ سلطانه - لجاز أن ينال بذلك رضوانه!!

وأقول: أن الشّيخ أبا العلاء يطالب أبا الطّيب في تحقيق الالفاظ، وحملها على الصحة والصدق، وهو أكثر الشّعراء إغراقا، وأشدّهم إيغالا في الاستعارة والمجاز الذي يخرج إلى المحال، مطالبة أبي ذرّ، وهو في ذلك الأخيذ الصّبحان، وقد قيل: أحسن الشّعر أكذبه، وأمّا إغراقه في هذا البيت وقوله:

هابك الليل والنّهار. . . . . . . . . . . .

فله وجه من الاستعارة، يحمل عليه من ردّه الليل بالنّيران، أو بلمع الحديد نهارا، ومن ردّه النّهار بدخان النّار للقرى، أو بعجاج الخيل في الحرب ليلا، وهذه استعارة مشهورة، ولمّا وصفهما بالهيبة، والهيبة من صفات من يعقل، وصفه بالنّهي لهما، ووصفهما بامتثال ترك المنهيّ عنه، فهذا ابلغ ما يحتجّ به له.

وقوله: (المنسرح)

فلا تلمها على تواقعها ... أطربها إن رأتك مبتسما

<<  <  ج: ص:  >  >>