للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذا القول. وهذا مذهبه في أكثر شعره، لأنه يطوي المديح على الهجاء، حذقا منه بصنعة الشعر. ثم ذكر من مديحه في كافور أبياتا تحتمل التوجيه، وأضاف إلى ذلك قوله: (البسيط)

مَدَحْتُ قَوْماً وإنْ عِشْنَا نَظَمْتُ بهم ... قصائِداً من إنَاثِ الخَيْلِ والحُصُنِ

وليس بينه وبين تلك مناسبة؛ لأنه يقول في هذا: مدحت قوما لا يستحقون المديح بقصائد من نظم، وإن عشت نظمت لهم قصائد من خيل، محاربا لهم ومغيرا عليهم، إما لأنهم لم يتجاوزه (على قدر مدحه) وإما لأنهم لا يستحقون ما هم فيه، وأنه أولى به منهم.

وأقول: إن قوله: وهذا كان مذهبه في أكثر شعره يطوي المديح على الهجاء، وصف لأبي الطيب بالطبع الرديء والخلق الدنيء، وتخرض منه عليه؛ لأن هذا

لم يقع (منه) إلا في مدح كافور؛ لأنه كان عبدا أسود خصيا؛ ترك مثل سيف الدولة في الشرف والفضل والكرم، وقصده رجاء الزيادة عنده فوقع في النقص.

وهذا الممدوح - قال ابن فورجة - ذكره الواحدي - من صميم بني تميم، عربي ممدح، ينتابه الشعراء، لا يبعد من فهم. فكيف يسوغ لأبي الطيب ذلك في حقه؟ ولو كان المعني في هذا البيت غيره، وقد أتبعه بأوصاف كثيرة على نسق واحد، لكانت هذه القصيدة خالية أو أكثرها من مدحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>