للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أُمن الإلباس،. . . وهاهنا يقع اللبس، لأنه يجوز أن يريد أن الشيء الذي أبلغه بلطف الله أمر عظيم فوق أملي. وهذا هو الصحيح وهو الوجه الأول؛ يقول: أنا مؤمل أشياء لعلها بعض الذي أدركه بلطف الله وتيسيره. وكأن هذا من قول جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: كن لما لا ترجو، أرجى منك لما ترجو؛ فإن موسى ذهب ليقتبس لأهله ناراً، فعاد نبياً مرسلاً!

وقوله: الخفيف

لا كما قَدْ حَيِيتَ غيرَ حَميدٍ ... فَإذَا مِتَّ مِتَّ غَيْرَ فَقيدِ

قال: يقال: حيي يَحيى حياة، ويقال أيضا: حي بالإدغام في الماضي، ولا يقال في المستقبل بالإدغام، وذلك أن حيي عين الفعل منه ياء مكسورة ولامه أيضا ياء، والياء أخت الكسرة، فكأنه اجتمع ثلاث كسرات، فحُذفت كسرة العين، وأدغمت في اللام، ولم يعرض في المستقبل شيء من هذا.

فيقال له: ليس الإدغام في حيي وبابه لكسرة العين، وإنما هو للزوم فتحة اللام واجتماع مثلين متحركين. ولو إنه كما تقول: لجاز الإدغام في يُحيى من الرباعي لان عينه مكسورة، كما في حيي، ولامه ياء، والذي يدل على صحة ما قلت قوله تعالى: (. . . بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى) فقد اجتمع فيها ما جعله علة من

الياءين والكسرة وزيادة فتحة اللام؛ ومع ذلك فلم يدغم؛ لأن الفتحة هاهنا عارضة، فهذا الذي ذكره ليس بشيء، وما كان له أن يتعاطاه لأنه ليس من شأنه!

<<  <  ج: ص:  >  >>