ما لا يقطع الدرع والفتى اللابس له، ويفري الحديد والشجاع المستتر به، وفر من الفرسان من لا يصادم لشدته، ويعانق الأبطال مدلاً بقوته.
وَقَفَتَ وَمَا في المَوْتِ شَكُّ لِوَاقِفٍ ... كَأَنَّكَ في جَفْنِ الرَّدَىَ وَهو نَائِمُ
ثم يقول لسيف الدولة: وقفت غير متهيب، وأقدمت غير متوقع، والموت لا شك فيه عند من وقف موقفك، وتقدم تقدمك، كأنك من الردى في أمكن مواضعه، وهو معرض عنك فيما يتكلف من شدائده. وأشار بجفن الردى إلى عظيم ما اقتحم سيف الدولة، وبنومه إلى إعراضه مع ذلك عنه، فألطف الإشارة، وأحسن الاستعارة.
ثم قال مؤكداً لما قدمه: تمر بك الأبطال جرحى منهزمين، وكلمي مستسلمين، وذلك لا يثني عزمك، ولا يضعف نفسك، بل كنت حينئذ ضحاكاً غير متوقع، وبساماً غير متضجر، قد وثقت من الله بعاجل نصره، وتيقنت ما وصله منك بجميل صنعه.