للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} ما موصولة، أي: المدة التي يتذكر فيها المتذكر، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة، أي تعميراً أو زمناً يتذكر فيه من تذكر {وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} (١).

وذلك لأن (من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله إليه في العمر، أي بسط عذره على مواضع التملق به، وطلب العذر إليه، كما يقال لمن فعل ما نهي عنه ما حملك على هذا؟ فيقول: خدعني فلان، وغرني كذا، ورجوت كذا وخفت كذا) (٢).

قال الخطابي: أعذر إليه أي بلغ به أقصى العذر، ومنه قولهم: قد أعذر من أنذر، أقام عذر نفسه في تقديم نذارته، والمعنى: أن من عمره الله ستين سنة لم يبق له عذر، لأن الستين قريب من معترك المنايا، وهو سن الإنابة والخشوع وترقب المنية ولقاء الله تعالى (٣).

(والإنسان لا يزال في ازدياد إلى كمال الستين، ثم يشرع بعد هذا في النقص والهرم، كم قال الشاعر:

إذا بلغ الفتى ستين عاماً ... فقد ذهب المسرة والفتاء

لما كان هذا العمر الذي يعذر الله تعالى إلى عباده ويزيح به عنهم العلل، كان هو الغالب على أعمار هذه الأمة كما ورد بذلك الحديث عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) دليل الفالحين، (١/ ٣٣٢).
(٢) فيض القدير للمناوي، (٦/ ٢٥) دار المعرفة، بيروت.
(٣) تفسير القرطبي، (١٤/ ٣٥٢) دار الكتب المصرية.

<<  <   >  >>