ولا غاضٍّ من السلف - رحمهم الله - في شيء منه، فإنه إذا فعل ذلك سُدِّد رأيه، وشُيِّع بالتوفيق خاطره، وكان للصواب مِئَنّة، ومن التوفيق مَظِنّة. وقد قال أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ: ما على الناس شيء أضر من قولهم: ما ترك الأول للآخر شيئاً. وقد قال أبو عثمان المازني: وإذ قال العالم قولاً متقدماً فللمتعلم الاقتداء به والانتصار له، والاحتجاج لخلافه ان وجد إلى ذلك سبيلاً، وقال الطائي الكبير:
يقولُ مَنْ تقرعُ أسماعَهُ ... كم ترك الأولُ للآخر!
فمما جاز خلاف الإجماع الواقع فيه منذ بدئ هذا العلم، وإلى آخر هذا الوقت، ما رأيته أنا في قولهم (هذا حُجْر ضبٍّ خربٍ)، فهذا يتناوله آخر عن أول، وتالٍ عن ماضٍ، على انه غلط من العرب، لا يختلفون فيه ولا يتوقفون عنه، وأنه من الشاذ الذي لا يُحمل عليه. ولا يجوز ردُّ غيره إليه. وأما أنا فعندي أن في القرآن من مثل هذا الموضع نيفاً على ألف موضع.
قال المؤلف - رضي الله عنه - هنا قطعت نص كلامه، لأني