فأدخل (عن) إلى الباء تأكيداً، لما كانا يستعملان في موضع واحد، فيقال: سألت به، وسألت عنه، و (على) والباء ليسا بمعنى الكاف فيكون دخولهما عليها على طريق التأكيد.
فإن قال قائل: فلعل الكاف حرف جر، ويكون المجرور، بـ (على) والباء محذوفاً. والتقدير: على كفل كالنقا، وعلى طريق كالخنيف، وبفرس كالهراوة، وبفرس كابن الماء. فالجواب أن ذلك لا يسوغ لأنك إن لم تقدر المجرور بالكاف قائماً مقام المحذوف، لزم من ذلك أن يكون الحرف الذي هو الكاف مع الاسم المجرور به في موضع خفض بـ (على) و (الباء). وذلك لا يجوز، لأن حروف الجر إنما تجر الأسماء وحدها. فلما تعذر أن تكون الكاف حرفاً على التقديرين اللذين تقدم ذكرهما، لم يبق إلا أن تكون قد جعلت اسماً بالجمل على ما هي في معناه، وهو (مثل)، للضرورة.
فأما قول خطام المجاشعي:
وصاليات ككما يؤثفين
فتحمل الكاف الثانية من قوله (ككما) أن تكون اسماً بمنزلة (مثل)، فتكون في موضع جر بالكاف التي دخلت عليها، وتحتمل أن تكون الكافان حرفي جر ووكد أحدهما بالآخر كما وكدت إحدى اللامين بالأخرى في قوله: ولا للما بهم أبدا دواء. والوجه الأول أحسن لأن استعمال الكاف اسماً في الشعر أوسع من إدخال