للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقدمه بمقدمة لها القِدْحُ المُعَلَّى من البلاغة والفصاحة والبيان والتبيين.

قال فيها: ((وَقَدْ وَضَعْتُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ الْمَحْفُوظِ حُرُوفًا فِيهَا عَوْنٌ عَلَى عِمَارَةِ الْقُلُوبِ وَصِقَالِهَا وَتَجْلِيَةِ أَبْصَارِهَا، وَإِحْيَاءٌ لِلتَّفْكِيرِ، وَإِقَامَةٌ لِلتَّدْبِيرِ، وَدَلِيلٌ عَلَى مَحَامِدِ الْأُمُورِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلاَقِ إِنْ شَاءَ اللهُ)).

وقد بدا لنا أن نعيد للكتاب بهاءَهُ، ونجدد رُوَاءَهُ؛ ففعلنا وحققناهُ.

فجمعنا ما استطعنا من نسخ الكتاب المطبوعة (١) وقابلنا بينها، وأثبتنا في


(١) النسخة الأم هي نسخة المرحوم العلامة طاهر الجزائري [ونرمز لهذه النسخة بالحرف (ط)]، وهو الذي أخرج الكتاب للنور بعد أن كان كامنًا قرونًا عددًا. ويتلوها نسخة أحمد زكي باشا [ونرمز لهذه النسخة بالحرف (ك)]، وقد طبعتها جميعة العروة الوثقى الخيرية الإسلامية بمطبعة مدرسة محمد علي الصناعية سنة ١٣٢٩هـ = ١٩١١م، بعد أن قررت نظارة المعارف العمومية تدريس هذا الكتاب في جميع مدارسها الابتدائية.
يقول الشيخ طاهر في تصديره للكتاب: ((لما ذهبت إلى مدينة بعلبك سنة ١٢٢٣ هـ رأيت عند بعض الأفاضل الواردين عليها مجموعًا استعاره من بعض أعيانها، فرأيت فيه الضالة المنشودة وهي رسالة "الأدب الصغير" لعبد الله بن المقفع الكاتب الذي يُضرب ببلاغته المثل، فكتبتها بخطي في نحو يوم وأرجو أن يتيسر لنشرها مَن عُرف بحسن الطبع ليعم بها النفع)).
ثم استعان الشيخ طاهر بالنقادة محمد أفندي كرد علي الدمشقي فنشرها في مجلته العربية الطائرة الصيت أيام كان يصدر "الْمُقْتَبَس" بمدينة القاهرة.
قال أحمد زكي باشا: ((فجاءت وفيها شيءٌ كثير من أوجه النقص لعدم وجود نسخة ثانية للتصحيح، ولعدم تيسر الوقت الكافي للعناية بها كما هي أهله. ولقد استخدمتها ورجعت إليها في بعض الكلمات، فلصاحبيها فضل السبق، ولهما نصيب من الشكر)).
وأقول: ولقد عثرت على النسختين وغيرهما، والكل تبع لهما وفروع عنهما، وكلفني ضبط النص عَرَقًا من القِرْبَةِ، وإن كان العلامة أحمد زكي قد سبقني إلى ذلك، ولكن وقع في نسخته هنات في الضبط وسقط في النص، وقد خالف الشيخَ طاهرًا في بعض الكلمات وظنها تحريفًا أو تصحيفًا، والصواب في بعضها مع الشيخ طاهر. رحمهما الله وغفر لهما.

<<  <   >  >>