عليك صورا يستمدها من خزانته، وقد يركب ويقسم، ويزيد وينقص، وكلما عرض عليك صورة، فقال العقل: ليس هذا أريد، عاد فاستمد من الخزانة صورة أخرى.
فإذا كلف الذهن تصور يد الله عز وجل فأول ما يفرض يد إنسان؛ لأنها أقرب الأيدي حضورا بالذهن لكثرة تكرر إحساسه بها، فإذا لم تقبلها أخذ يزيد في تلك الصورة وينقص، ويستمد الزيادة والنقص من الأجرام التي قد أدركها، فإنه يجعلها نورا على صفة ما قد أدكه من نور الشمس والقمر وغيرها، ويعظمها - لإدراكه صفة العظمة - حتى يجعلها كالجبل أو أعظم منه، وغير ذلك.
والعقل يحكم كل مرة أن تلك الصورة فيها نقص وعيب، وأن الله عز وجل مبرأ من ذلك، فإذا يئس من وجدان صورة تليق برب العزة فهو بين أمرين:
إما أن يعترف بعجزه وقصوره، وأن الموجودات لا تنحصر فيما يمكنه تصوره وتخيله، فهذا يجوّز أن يكون لله عز وجل يد تليق به، فإذا علم أن الصادق المصدوق قد أخبر بذلك آمن به.
وإما أن يغلب عليه الغرور والدعوى، ويزعم أنه ما من موجود إلا ويمكنه تصوره، فهذا ينكر أن تكون لله عز وجل يد، ويزعم أن من