اعلم أن عامة شبهات الكفار والملحدين في هذا العصر تدور على هذه الشبهة، فيجب الاعتناء بحلها وإيضاح الحق، وأسأل الله عز وجل التوفيق والهداية، لعله يطلع على هذا ملحد فيقول: إن هذا الكاتب وأمثاله مقلدون متعصبون، ليس لهم من حرية الفكر نصيب، يرد عليهم البرهان الذي يدمغ دينهم فيفرون إلى المعاذير! وكان عليهم أن يتدبروا ذلك البرهان ويعترفوا بمقتضاه؛ هذا مقتضى الحرية والشجاعة الأدبية وطلب الحق من حيث هو حق، فهم يزعمون أنهم يتبعون الحق، ويدعون إلى الحق، وهم أبعد الناس منه!
فأقول له: أنت تعلم أن لثبوت الحقائق طرقا مختلفة، فلمعرفة أن فلانا حاضر مثلا قد تحصل بواسطة الإبصار، وبواسطة سمع كلامه، وبواسطة أخبار متواترة، وغير ذلك، والإدراك بواسطة البصر لا يحصل للأعمى، وبواسطة سماع كلامه لا يحصل للأصم، وقس على ذلك.