للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد يحصل الإدراك اليقيني لحقيقة بطريق صحيح، وإذا نظرت من طريق أخرى وجدت شبهات تنفي تلك الحقيقة، فأما من حصل له الإدراك بذلك الطريق الصحيح فإنه - إذا عرضت عليه تلك الشبهات - لا يلتفت إليها، ولا يبالي بها، إلا أنه إذا عجز عن إطلاع المعترض على ذاك الطريق الصحيح فقد يحاول حل تلك الشبهات، وربما يعجز عن حلها، وهو مع ذلك غير متزلزل فيما قد تيقنه، بل هو مؤمن أن لتلك الشبهات حلا لم يتيسر له، ومن شككته الشبهات فيما قد علمه يقينا يعد عند العقلاء أحمق!

فمن ذلك قول علماء الطبيعة: إن تقرير كيفية الإبصار يقتضي أن ترى الصور معكوسة، وهو خلاف المشاهد، فيا ترى من يشاهد الصور - ويعلم أنه يشاهدها مستقيمة - إذا عرضت عليه تلك الشبهة هل يتزلزل عما يشاهده من أنه يرى الصور مستقيمة؟

وفي الفلسفة الحسية العصرية أمثلة كثيرة من هذا.

فهكذا نحن قد قام عندنا البراهين ما تيقنا به أن القرآن كلام الله، وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - رسول الله، فهذا اليقين هو الذي جعلنا نبادر إلى رد الشبهات، وبها حصل لنا ذلك اليقين، وهي تحتاج إلى ممارسة

<<  <   >  >>