العلماء عن اتباعه والنظر في تأويله، مع أن الجمهور يقولون في الآية بما قلناه، وهو أن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله، وقد تقدم حديث الصحيحين، ونحن نعلم أن الصحابة عملوا بمقتضاه، ونعلم أنهم تكلموا في النوعين الأولين، واختلفوا في بعضها كثيرا، ثم رأوا من بعدهم يتبعون ذلك ويبتغون تأويله فلم ينكروا عليهم ذلك.
فما بقي إلا النوع الثالث، فهو الذي لم يكن يؤوله النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه، ولا كانوا يبتغون تأويله، ولا يختلفون فيه؛ ولما رأوا من يتبعه من بعدهم ويتكلم في تأويله حذّروهم، وحذِروهم، وحذروا الناس منهم.
فإن قلت: فإنكم تتكلمون في معنى ذلك فتقولون لله عز وجل حياة تليق به، ويد تليق به، وتقولون إن لوجوده وحياته وقدرته وعلمه وحكمته مناسبة ما لهذه الصفات في المخلوق، ولذلك أمكننا تصورها إجمالا!
قلت: الآن حصحص الحق، وارجع إلى معنى كلمة "تأويل" فقد قدمنا أن تأويل اللفظ قد يطلق على المعنى، وقد يطلق على نفس ذلك المعنى، وقد يطلق على الحقيقة المعبر عنها باللفظ.
وقلنا: إن قوله تعالى: {ويل يومئذ للمكذبين}، فإذا قال قائل: