ومن قال لله عز وجل يد تليق به لا يمكنني تصورها، ولا العلم بكنهها، ولكن لما أخبر الله عز وجل عن نفسه أن له يدا آمنت بأن له يدا تليق به، فهذا هو القائل:{آمنا به كلًّ من عند ربنا}.
وهذا أوان الجواب عن سؤالك بقولك: وما فائدة إنزال مثل هذا في القرآن والقرآن إنما نزل هدى للعالمين وأمرنا بتدبره مطلقا؟
فأقول: أما الصفات التي ندركها إجمالا لمناسبة ما بينها وبين صفاتنا - مع العلم بأنها في حقه عز وجل كاملة كما يليق به، وفي حقنا ناقصة كما يليق بنا، كالقدرة والعلم ونحوها - فلا إشكال في إنزالها في القرآن، إذ يقال: المقصود منه الإيمان بها مع العلم الإجمالي، وهو كاف في ذلك، وقد علمت أن من تلك الصفات ما يتوقف ثبوت الشريعة على العلم بها، ويتبعها صفات أخرى مثلها في إمكان العلم بها إجمالا، وفي العلم بها تثبيت للشريعة وتأكيد للإيمان، ودونها صفات أخرى تذكر في القرآن في صدد تقرير معنى من المعاني لا يتوقف فهمها على العلم بكنهها، ولكن ذكرها معه يفيدها قوة لا تحصل بدونها، كقوله تعالى:{قال يإبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديَّ}. فأصل المقصود إظهار زيادة الاعتناء بآدم