للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قامت في الحقيقة بأول عمل علمي طبقاً لمنهج، ليس من موضوعنا هنا ذكر تفاصيله، ولكنه يوجب إعجاب النقد الحديث إزاء ما تحراه من دقة.

انه كان حقاً أول عمل علمي للفكر الإسلامي، بل أول عمل علمي للفكر البشري من نوعه الذي طالما تعثر في تاريخه، على مبدأ التسليم للقدوة، بل لا زال يتعثر عليه حتى الآن أحياناً، مثلما حدث في الاتحاد السوفيتي حيث تأخر علم الحياة بثلاثين سنة عن الركب، أيام القدوة التي افترضها لنفسه ليسنكو في هذا الميدان.

ولهذا المعوق تاريخه في جميع المجتمعات الانسانية، فهو ملازم لتطورها حسب عمرها النفساني.

فالانسانية، على العموم، تمر بثلاثة أعمار من حيث تطورها النفسي، فهي في عصرها الأول، في طفولتها، تصيغ كل أحكامها طبقاً لمقاييس تتعلق بعالم الأشياء، بحيث تكون أحكامها في أبسط صورها، معتمدة على الحاسة أو ناتجة عن الحاجة البدائية.

ثم في عمرها الثاني تصيغ أحكامها طبقاً لمقاييس خاضعة لمبدأ القدوة، أي صادرة من عالم الأشخاص، ففي هذا الطور، لا تكون الفكرة حرة من تجسيد، بحيث تكون قيمتها مرتبطة بالشخص الذي يجسدها في نظرنا.

<<  <   >  >>