اننا نرى في هذين الظرفين موقف العقل تحاه الاختبارات التي تعرض له، نرى في الظرف الأول كيف يتحرر العقل في المناخ الجديد من الشكليات، من سلطان المفردات الذي طالما عوق تقدم العلم.
وفي الظرف الثاني، نراه كيف يتحرر من المكابرة وهي شر عدو للحقيقة، وأكبر معوق للفوز بها.
بل نرى كل ظرف يعبر في المجتمع الجديد على المناخ العقلي الذي كونه القرآن، نرى مثلاً عليّ بن أبي طالب، يحتقر يوم النهروان رأي المنجم الذي يشير عليه بالانطلاق في وقت معين، فينطلق عليّ في غير ذلك الوقت، متعمداً وينتصر، ثم يقول على الملأ: لو انطلقنا في الوقت الذي أشار به المنجم لقال لنا اننا انتصرنا بما أشارت به النجوم.
وفي ظرف آخر يسلم علي الراية إلى زياد بن النظر ويقول له: قد هذه الفئات، واستفد برأي عالمهم، وعلم جاهلهم.
وهنا نرى في المناخ الجديد الفكر الاسلامي يضع سلماً، يتسلقه الفرد، وهو يدلي بعلمه لمن دونه درجة، ويطلب العلم ممن فوقه، وهكذا ينطلق تيار العرفان في