للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأوتي جوامع الكلم وخص ببدائع الحكم، يخاطب كل قبيلة بلسانها ويحاورها بلغتها، فلم يكن فاحشا ولامتفحشا ولابذيئا في لسانه ولا في قوله. وكان الحلم والاحتمال والعفو عند المقدرة صفات أدبه الله بها، فلم يزد مع كثرة الأذي إلا صبرا وعلي إسراف الجاهل إلا حلما. قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: [ما خير رسول الله صلي الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منها، وما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها] (١)

وكان من صفاته الجود والكرم علي ما لايقدر قدره وكان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر أبدا، وكان من الشجاعة والنجدة والبأس بالمكان الذي لايجهل فكان أشجع الناس. قال علي ـ رضي الله عنه ـ[كنا إذا حمي البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلي الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب إلي العدو منه] (٢)

وكان أشد الناس حياء وإغضاء. قال أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ: [كان أشد حياء من العذراء في خدرها. وإذا كره شيئا عرف في وجهه.] (٣) وكان لا يثبت نظره في وجه أحد, خافض الطرف, نظره إلي الأرض أطول من نظره إلي السماء, يغضي حياء ويغضي من مهابته، فلا يكلم إلا حين يبتسم. وكان أعدل الناس وأعفهم وأصدقهم لهجة وأعظمهم أمانة, وكان يسمي قبل نبوته بالأمين. وكان أشد الناس


(١). رواه البخاري
(٢) الشفاء للقاضي عياض ورواه أصحاب الصحيح والسنن
(٣) رواه البخاري

<<  <   >  >>