للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

مذاهب الأئمة الأربعة في الإحتجاج بسنة الخلفاء الراشدين

١_ الإمام أبو حنيفة

قال - رحمه الله -: (إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات عن الثقات، فإذا لم أجد فيكتاب الله ولا سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه من شئت وأدع قول من شئت ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب ... فلي أن أجتهد كما اجتهدوا) رواه الصيمري في كتاب أخبار أبي حنيفة (١٠) _ هذا مستفاد من بحث لأحد الإخوة _

قلت: تأمل تصريحه بالأخذ بأقوال الصحابة، وأولى الصحابة بالإتباع الخلفاء الراشدين، ولا شك أن التخير بين أقوال الصحابة

ومن الفروع الفقهية التي أخذ بها الإمام بأقوال الراشدين مسألة عورة الأمة فاعتمد القول المروي عن عمر في عورة الأمة، ولا يخفى أن قول عمر، فيه تخصيص لعموم الكتاب ولسنا هنا بصدد تقويم هذا التفريع من جهة الصحة أو الضعف وإنما أريد بيان مذهب الإمام في مسألتنا

ومثلها مسألة سجود المرء على ظهر أخيه إذا لم يجد مكاناً يسجد عليه

قال الكاساني في بدائع الصنائع (١/ ٤٨٤):" ولو سجد على حشيش أو قطن إن تسفل جبينه فيه حتى وجد حجم الأرض أجزأه وإلا فلا وكذا إذا صلى على طنفسة محشوة جاز إذا كان متلبدا وكذا إذا صلى على الثلج إذا كان موضع سجوده متلبدا يجوز وإلا فلا ولو زحمه الناس فلم يجد موضعا للسجود فسجد على ظهر رجل أجزأه لقول عمر: اسجد على ظهر أخيك فإنه مسجد لك وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه إن سجد على ظهر شريكه في الصلاة يجوز وإلا فلا لأن الجواز للضرورة وذلك عند المشاركة في الصلاة "

٢_ الإمام مالك

وأما الإمام مالك رحمه الله فتصرّفه في الموطّأ يدل على أنه يرى أن قول الصحابي حجة فكثيراً ما يحتج بفتاويهم. قال الشاطبي رحمهالله في الموافقات (٤/ ٨٠): "ولما بالغ مالك في هذا المعنى - أي اتخاذ الصحابة قدوة وسيرتهم قبلة - بالنسبة إلى الصحابة أو من اهتدى بهديهم واستن بسنتهم جعله الله تعالى قدوة لغيره في ذلك، فقد كان المعاصرون لمالك يتبعون ءاثاره ويقتدون بأفعاله، ببركة اتباعه لمن أثنى الله ورسوله عليهم وجعلهم قدوة"

وأولى الصحابة بالإتباع الخلفاء الأربعة

مما احتج به مالك في الموطأ من أفعال الشيخين

قال يحيى بن يحيى في روايته للموطأ:" ١٧٨ - وحدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال: "قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} إذا افتتح الصلاة "

١٧٩ - وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال:"كنا نسمع قراءة عمر بن الخطاب عند دار أبي جهم بالبلاط "

٣_ الإمام الشافعي

وأماالإمام الشافعي رحمه الله- فمنصوص في أشهر كتبه الأم هو أن قول الصحابي حجة. فقد قال فيكتابه (الأم) (٧/ ٢٨٠):" ما كان الكتاب والسنة موجودين فالعذر على من سمعهما مقطوع إلابتباعهما. فإن لم يكن ذلك صرنا إلى أقاويل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أوواحد منهمأو واحد منهم ثم كان قول الائمة أبي بكر أو عمر أو عثمان إذا صرنا فيه إلى التقليد أحب إلينا "

قلت: فانظر كيف صرح الإمام بحجية أقوال الصحابة عنده، وكيف صرح بأن تقليد الخلفاء الراشدين المهديين هو مذهبه، ثم يأتي من يزعم أن مذهبه عدم حجية قول الصحابي!!، وقوله هذا يغني عن غيره في تحرير مذهب الإمام

٤_ الإمام أحمد

قال أبو داود في مسائله (ص٣٦٩) ط مكتبة ابن تيمية: ((سمعت أحمد غير مرة يسأل يقال: لما كان من فعل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي سنة؟ قال: نعم وقال مرةً _ يعني أحمد _ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين))

قلت: هذه أقوال الأئمة الأربعة فدع ممن يقعقع بما ينقله عن جمهور الأصوليين

وقول الصحابي إذا عضده القياس فلا إشكال في قوته، وإن لم يعضده قياس

فالقولل فيه أنه مما لا يتصور أن يفتي الصحابي المجتهد بخلاف القياس بدون توقيف

ففي الحالين للقول قوته

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>