[من هنا يبدأ إصلاح الخلل [نقد للفهم الخلفي للعلم الشرعي]]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد:
فهذه كلمات في بيان معنى العلم الشرعي بالفهم السلفي وبيان ما يناقض ذلك أو ينغص بهاءه مما أحدثه الخلوف , وسأجعل كلامي مبنياً على بيان أسس مهمة في حقيقة العلم الشرعي عند السلف.
الأساس الأول: العلم هو العمل.
قال الله تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
أقول: فمن لم يخشَ الله لم يكن عالماً , ولا تتم خشيته إلا بمعرفته سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته , ولا سبيل إلى ذلك إلا بدراسة العقيدة السلفية المستقاة من الكتاب والسنة وأقاويل الصحابة.
قال الترمذي [٢٢٤٧]: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ خَبَّابٍ عَنْ سَعِيدٍ الطَّائِيِّ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ الْأَنَّمَارِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ.
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
أقول: فسمى العمل بالعلم علماً فتأمل.
قال عبد الله بن أحمد [في زوائد الزهد ص ٣٢٧]: حدثنا يوسف بن يعقوب أبو يعقوب الصفار مولى بني أمية حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن عمران القصير قال: جاء رجل إلى الحسن فسأله عن مسائل فأجابه فقال يا أبا سعيد إن الفقهاء يقولون كذا وكذا فقال له الحسن: وهل رأيت بعينك فقيهاً؟ إنما الفقيه الزاهد فالدنيا الراغب في الآخرة البصير بذنبه المداوم على عبادة ربه.
أقول: إسناده صحيح وقد غلط محقق رسالة بيان فضل علم السلف على علم الخلف الأستاذ محمد بن ناصر العجمي حيث عزا هذا الأثر إلى الزهد لأحمد وإنما هو في زوائد ابنه عليه كما ترى وليس من الأصل الذي صنفه الإمام.
وقال الشاطبي في [الموافقات ١/ ١٠٣ط دار ابن عفان وإليها العزو في بقية المقال]:" فإن علماء السوء هم الذين لا يعملون بما يعلمون، وإذا لم يكونوا كذلك، فليسوا في الحقيقة من الراسخين في العلم، وإنما هم رواة - والفقه فيما رووا أمرٌ آخر - أو ممن غلب عليهم هوىً غطى على القلوب والعياذ بالله , على أن المثابرة على طلب العلم، والتفقه فيه، وعدم الاجتزاء باليسير منه، يجر إلى العمل ويلجيء إليه، كما تقدم بيانه، وهو معنى قول الحسن: -[كنا نطلب العلم للدنيا فجرنا إلى الآخرة] "