أقول: هذان الشابان اللذان أحرزا هذا الإنجاز العظيم، فقتلا عدو الله ورسوله، وفي الجيش أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فلم يردهما عبد الرحمن بن عوف بقوله:" في الجيش فلان وفلان فما تصنعان أنتما "، بل أعانهما على ما أرادا، وشرط الجهاد العملي القدرة البدنية، وشرط الجهاد العلمي القدرة العلمية ولا تعلق لذلك بالسن.
وقال ابن عبد البر في [جامع بيان العلم وفضله ١/ ٣١١]" بعد أن أسند حديث [إن من أشراط الساعة ثلاثاً إحداهن أن يلمتس العلم عند الأصاغر] قال: " قال نعيم:- قيل لابن المبارك؟ قال: الذين يقولون برأيهم، فأما صغير يروي عن كبير فليس بصغير.
وذكر أبو عبيد في تأويل هذا الخبر عن ابن المبارك أنه كان يذهب بالأصاغر إلى أهل البدع ولا يذهب إلى السن، قال أبو عبيد: وهذا وجه، قال أبو عبيد: والذي أرى أنا في الأصاغر أن يؤخذ العلم عمن كان بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذاك أخذ العلم عن الأصاغر "
أقول: تأمل كلام أبي عبيد وما فيه من الحسن، فقد اعتبر الصغير كل من سوى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفهم، فكأنه اعتبر الأمر نسبياً.
وقال أيضاً في [١/ ٣١٥]:" وقال بعض أهل العلم: إن الصغير المذكور في حديث عمر وما كان مثله من الأحاديث إنما يراد به الذي يستفتى ولا علم عنده وأن الكبير هو العالم في أي سن كان وقالوا: الجاهل صغير وإن كان شيخا، والعالم كبير وإن كان حدثا، واستشهد بقول الأول حيث قال: تعلم فليس المرء يولد عالما وليس أخو علم كمن هو جاهل وإن كبير القوم لا علم عنده صغير إذا التفت عليه المحافل واستشهد بعضهم بأن عبد الله بن عباس رضي الله عنه كان يستفتى وهو صغير، وأن معاذ بن جبل وعتاب بن أسيد كانا يفتيان وهما صغيرا السن، وولاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم الولايات مع صغر أسنانهما، ومثل هذا في العلماء كثير"