وقد اعترف في تصانيفه بعلو شأن الصحابة رضي الله عنهم وصرح بنزول الآيات المذكورة هنا في الثناء عليهم عموما وخصوصا ونقل في ذلك آيات أخر تزيد على عشر آيات. فعلم أن اعتقاد جمهورهم في كفرهم إنما هو عن جهل وعناد من غير علم واستناد.
ومنها قوله تعالى في سورة البقرة:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} قال الطبرسي من علماء الشيعة: نزلت في حق الصحابة، ونقل الإجماع على دخول أحد عشر صحابيا في ذلك الخطاب من الصحابة الذين يكفرهم جمهور هؤلاء الضالين. وقال ابن حجر: والصحابة هم المشافهون بهذا الخطاب على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم ذكر في هذه الآية ما ذكره في السابقة آنفا من كفر المنكرين وإلحادهم.
ومنها قوله تعالى في سورة آل عمران:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} فإنه تعالى شهد للصحابة بالخير وهو أعلم بأحوال عباده. قال ابن حجر في هذه الآية: لا شك أنه من ارتاب في حقية شيء مما أخبر الله تعالى به كان كافرا بإجماع المسلمين.
ومنها قوله تعالى في سورة الحشر:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} قد عُلم من سياق الآية أن المستحق لمال الفيء من اتصف بالإخراج من الديار والأموال وابتغاء مرضاة الله تعالى، ولا خلاف بين أهل السير أن أول من اتصف بذلك كان أبو بكر رضي الله عنه. وقال ابن كثير في تفسيره: وما أحسن ما استنبط الإمام مالك من هذه الآية أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما يمدح