القوانين، وكلمة (تمصير القوانين) كلمة اتسقت مع ليبرالية الدولة وديمقراطيتها، وفي نفس الوقت هي تشير إلى ما تم بعد ذلك فعلاً على مستوى الدستور والقانون والنظام القضائي.
وبدأت حركة التمصير مع عبد الرزاق السنهوري باشا، الذي وضع القانون المدني المصري، ومع صبري أبو علم الذي وضع القانون الجنائي المصري، وهي المجموعات التي انتهوا منها وصدرت وعمل بها من سنة ١٩٤٩م وحتى يومنا هذا، بغض النظر على التعديلات الجزئية.
أما السنهوري باشا فقد شرح القانون المدني في كتاب ماتع مطول أسماه (الوسيط) صدر في عشرة أجزاء، بين فيه مأخذ كل مادة من الشريعة الإسلامية، أو في صياغتها، أو في موضوعها، من ستة عشر تشريعًا مختلفًا، من التشريع الهندي، والبلجيكي، والإيطالي، والفرنسي ... إلى آخر ذلك. وهو ما يدل دلالة واضحة، بل أكاد أن أقول دلالة قطعية، على ذلك التوجه الذي أراده هؤلاء الآباء من عدم الانسلاخ من الشريعة، ومن وضع أقدامنا في موطن قدم في الخريطة العالمية".
وهذا كلام لا يحتاج إلى تعليق؛ لأنه يدعي أن القانون الجنائي والقانون المدني يدلان على عدم الانسلاخ من الشريعة، ولعله يقصد عدم الانسلاخ عن شريعة الأمم المتحدة أو شريعة فرنسا وبلجيكا!!!
* ثم يقول د. علي جمعة: "يقول السنهوري باشا في مقاله القانون المدني العربي، مجلة القضاء (نقابة المحامين في العراق) العددان ١، ٢ سبتمبر، عام ١٩٦٢:(يمكن القول في طمأنينة: أن القانون المصري الجديد (المدني) يمثل الثقافة المدنية