* يقول د. علي جمعة: "لا بد على المسلم في تصرفاته وسلوكه داخل المجتمع غير المسلم أن يندرج تحت قوانينهم، وألا يخالف النظام العام السائد أو الآداب المتعارف عليها، وألا يتعمد مخالفة القوانين أو الخروج عن النظام، وإذا احتاج إلى شيء من التميز كالمسائل الخاصة بالأحوال الشخصية أو الخاصة بالحياة والممات؛ كالأكل، والشرب، والدفن، وغيرها من الأمور التي قد تتعلق بشريعته وتخالف السائد في بلاده، فقد رسم الفقهاء القدماء طريق الاتفاق مع ولي الأمر، أو ما يمكن أن نطلق عليه البرتوكول في عصرنا الحاضر، والذي يسمح له بإقامة شعائره والتمسك بخصوصيته، دون مخالفة للقوانين أو النظام السائد، ولقد جرب المسلمون كثيرًا هذا الأمر، ونجحوا في أغلب الأحيان، مما يجعلنا متفائلين بإمكان ذلك.
والتمسك بالمشروعية مع التعايش مع الواقع يحتاج في بعض الأحيان إلى إبداع طرق جديدة أو أفكار وسطية، فإنه كما قالوا بين نعم ولا مراحل كثيرة، وفي تجربة عيش المسلمين في الهند في العصر الحاضر واستقلالهم بالقضاء فيما بينهم، فقد سمح لهم بالترافع إلى قضاء داخلي فيما بينهم، ما دام الطرفان يرتضيان ذلك، أما إذا اختلفا وتنازعا فلم يرض أحدهما بالترافع إلى القضاء الشرعي، وأراد أن يترافع إلى القضاء المدني، أو أنه رفض الحكم بعد صدوره من القضاء الشرعي، فإن الحكم حينئذ لا يصير ملزمًا له ويستطيع أن يترافع إلى القضاء المدني.
ولقد أخبرني رئيس القضاة الشيخ مجاهد الإسلام قاسمي رحمه الله تعالى في سنة ١٩٩٤ أنه لم تحدث حادثة واحدة منذ ١٩٣٦ حيث طبق ذلك النظام رفض فيها أحد المتنازعين القضاء الشرعي، ومثل هذه التجربة التي يكون فيها