القضاء مواز يستمد قوته وإلزامه من الجماعة، مع اندراجه تحت سلطان الدولة ومشروعيتها، أمر جدير بالبحث والتأمل، وإمكانية تكراره" (١).
وهذا كلام عجيب، فالمسلم يلتزم شرع الله جل وعلا، أيًا كان مكانه؛ سواء اتفق ذلك مع القوانين المعمول بها في مكان إقامته أم خالفها، وليس للقوانين الطاغوتية مكانة في حياة المسلم.
وما زعمه من إمكانية تطبيق الشرع مع الالتزام بالقوانين الصادرة في بلاد الكفر، يؤكد على تشرب د. علي جمعة بالمفهوم الغربي؛ لأن الشريعة ليست مجرد أحوال شخصية وبعض الأمور المتعلقة بالحياة والموت والدفن كما يزعم، بل هذا مفهوم علماني كنسي، أما الإسلام فهو نظام شامل في كل مجالات الحياة، له تصوره الخاص للطبيعة الإنسانية والاجتماع البشري.
أما ما زعمه من أن جميع المنتسبين للإسلام يهرولون للتحاكم إلى القضاة الشرعيين، تاركين المحاكم التي تقيمها الدول، فهذا كلام غير واقعي؛ لأننا في البلاد العربية نجد كثيرًا من المنتسبين للإسلام يهرولون إلى المحاكم الطاغوتية، ويتقبلون حكمها المخالف للشرع، ويأبون أن يحكم بينهم العلماء بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
* ونجده يُهَمش بعبارة طائشة وتسرع مقيت جل نصوص الشريعة، ويبرر التملص من أحكام الإسلام جملة واحدة؛ فيقول: "دائرة الخبر، ودائرة العمل، أما دائرة الخبر الوارد في تراثنا فإنها لا تحتاج إلى كثير من الاجتهاد، ولا يهتم بها العالم، ولا ينبني عليها عمل، ولذلك فإن الإيمان بها وتقديس مفرداتها لا يؤثر في علاقتنا مع غيرنا، ولا في تطوير حالنا مع أنفسنا، والحفاظ على دائرة
(١) مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: أسئلة الأمريكان٥، بتاريخ ١/ ٥/٢٠٠٦.