للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحناف أن أموالهم حلال، فطالما دخل المسلم دار الحرب بأمان لم يجز له أن يغدر بهم، لكن طالما أنهم رضوا بذلك فلا حرج عليه؛ حيث عاد الحكم لأصله وهو حل أموالهم، قال الكاساني: (أخذ الربا في معنى إتلاف المال، وإتلاف مال الحربي مباح، وهذا لأنه لا عصمة لمال الحربي، فكان المسلم بسبيل من أخذه إلا بطريق الغدر والخيانة، فإذا رضي به انعدم معنى الغدر) (١)، أما د. علي جمعة فالمسألة المتكررة عنده هي اقتراض المسلم من الكفار في بلاد الغرب بالربا، وهو يترك نصوص الأحناف الصريحة؛ ليتمسك بما يمكن فهمه من عموم كلام بعض أئمتهم؛ فيقول: "وظاهر كلام السادة الحنفية أن الحكم عام في أخذ المسلم للربا في دار الحرب وإعطائه، ولكن الكمال بن الهمام ذكر أن أئمة الحنفية في دروسهم قيدوا حل الربا للمسلم في دار الحرب بأخذه من الحربي ... ويمكن التمسك بظاهر المذهب إذا كانت المصلحة الأخيرة للمسلم حتى لو دفع الزيادة" (٢).

وخلاصة فتواه أنه يبيح كثيرًا من العقود الفاسدة متكئًا على كلام الأحناف فيقول: "حاصل مذهب السادة الحنفية جواز التعامل بالعقود الفاسدة في دار غير المسلمين بين المسلم وأهل تلك البلاد؛ سواء أكان العقد بيعًا لميتة، أم خنزير، أم خمر، أم مقامرة" (٣) ثم هو لا يكتفي بهذا الذي يذكره عن الأحناف، بل يمضي على منهجه في الاندماج؛ ليفتي بجواز امتهان المهن التي تساعد على الفجور مثل تجهيز أماكن الباليه، فنجد له هذه الفتوى: "أنا أعمل في مدينة إعلامية كعامل يقوم بتجهيز المسرح من ديكور وأدوات المسرح، علمًا بأن الممثلين والممثلات


(١) كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج٧، ص١٣٢، ط دار الكتب العلمية.
(٢) كتاب فتاوى عصرية ج٢، ص ٢٠٩.
(٣) كتاب البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل، ص ١٠٨.

<<  <   >  >>