للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقضية الثانية: نقل من الحي إلى الحي، وهذا لا يجوز فيه التبرع أو البيع كما سلف. فماذا نفعل في هذه التي فقدت كليتيها ولا تجد المال الذي سوف تنفقه على الغسيل الكلوي، فنقول للسائل: لا بأس من عدم الغسيل الكلوي؛ لأنها سوف تموت أيضًا إذا نقلنا الكلية، ونسب النجاح بسيطة في نقل الكلية، وإذا استمرت تستمر عامًا أو عامين، ثم بعد ذلك تموت أيضًا، فالخوف من الموت لا يجعلنا نفعل الحرام من أجل درئه؛ ولذا لا أراه جائزًا.

ولا يقاس هذا على مسألة أن كل إصبع من أصابع يد الإنسان له دية؛ لأن الدية إنما تكون عقوبة لفعل المجرم، ولضياع المنفعة، ولا تكون ثمنًا للعضو.

ولا أرى أيضًا أن يقاس على أكل الميتة للمضطر؛ لأن أكل الميتة للمضطر أمر عارض، كما أنه يأكل ميتة غير مقدسة كحيوان أو طير، وما نحن بصدده هو التصرف في الأحياء بتحويلهم إلى قطع غيار بشرية؛ فهذا أمر يقدح في الأخلاق ابتداء ويقدح في الدين انتهاء، وهذا هو ما مال إليه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف في فتواه، وإن خالف بعض أعضاء المجمع في هذا؛ لأن المسألة محل نظر، ولكن جمهور مشايخنا على أنه حرام، وأننا لا ينبغي أن نفتح هذا الباب.

والذي حدث الآن أنهم يقتلون الناس، بل ويخطفون الأطفال والشباب الصغار، ويأخذون أعضاءهم، ثم يلقونهم في الطرقات، ثم يقومون ببيع هذه الأعضاء.

وسد الذريعة أحد مصادر التشريع الإسلامي.

إذًا أنا أرى والله تعالى أعلم وهذا رأي جمهور العلماء أن هذه المسألة حرام ابتداء، وأنه حتى القائلين بشيء من الجواز ينبغي عليهم أن يقولوا بالحرمة

<<  <   >  >>