للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سدًا للذريعة، والله أعلم.

وهنا يُطرح سؤال: ماذا لو كان التبرع عن طيب خاطر وعن طيب نفس، كمن تبرع لابنه أو لأبيه أو العكس؟

نقول: هناك شروط شرطها الأطباء ذوو الاختصاص؛ منها أمن المريض على حياته، ونقول أيضا: هذه شروط وهمية، فالأطباء يقولون: إن الإنسان يمكن أن يعيش بكلية واحدة، فماذا يحدث لو تبرع شخص بإحدى كليتيه ثم فشلت الأخرى؟ إذًا، ومن باب سد الذرائع، ومن باب الواقع، ومن باب المفهوم للمسألة، سيتحول الإنسان إلى جزء من الكون كالخشبة والحديدة، يستطيع الآخر أن يتصرف فيه، وأن يقطع الجسد أجزاء، وأن يتبرع، وأن يبيع، وأن يتصرف، ويوصي، وكذا، إلى آخره.

وأنا أظن أنه لا بد علينا أن نقف مع كل الأخلاقيين في العالم في سد هذا الباب" (١).

ولكن المرء تشتد دهشته وعجبه حين يقرأ بعد ذلك فتوى للدكتور علي جمعة مضادة تمامًا لما سبق أن أفتى به؛ حيث يقول: "من الوسائل الطبية التي ثبت جدواها في العلاج والدواء والشفاء بإذن الله تعالى للمحافظة على النفس والذات نقل وزرع بعض الأعضاء البشرية من الإنسان للإنسان؛ سواء من الحي للحي أو من الميت الذي تحقق موته إلى الحي، وهذا جائز شرعًا إذا توافرت فيه شروط معينة تبعد هذه العملية من نطاق التلاعب بالإنسان الذي كرمه الله ولا تحوله إلى قطع غيار تباع وتشترى، بل يكون المقصد منها التعاون على


(١) كتاب فتاوى عصرية، ج٢ ص ٢٩٧.

<<  <   >  >>