أية جزئية منها، حتى لو ظن متفيقه أن المصلحة في غير الشريعة، يقول الجويني:(لا يخفى على من شدا طرفًا من التحقيق أن مآخذ الشريعة مضبوطة محصورة، وقواعدها معدودة محدودة، فإن مرجعها إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والآي المشتملة على الأحكام وبيان الحلال والحرام معلومة، والأخبار المتعلقة بالتكاليف في الشريعة متناهية، ونحن نعلم أنه لم يفوض إلى ذوي الرأي والأحلام أن يفعلوا ما يستصوبون، فكم من أمر تقضي العقول بأنه الصواب في حكم الإيالة والسياسة، والشرع وارد بتحريمه، فلسنا ننكر تعلق مسائل الشرع بوجوه من المصالح، ولكنها مقصورة على الأصول المحصورة، وليست ثابتة على الاسترسال في جميع وجوه الاستصلاح ومسالك الاستصواب، ثم نعلم مع ذلك أنه لا يخلو واقعة عن حكم الله تعالى على المتعبدين)(١).
فأين هذا الكلام من ذاك التشويش؟!
ثم هل نحن الآن في عصر خلا من المجتهد، ثم العالم الشرعي، ثم المصادر الشرعية؟!! لو كان د. علي جمعة يرى ذلك فليرحنا من أطروحاته، فقد اعترف بأنه ليس عالما شرعيًا ولا توجد لديه مصادر شرعية، وإن لم يكن الأمر كذلك فلماذا ذكر هذا الكلام؟؟!.
* ثم قال د. علي جمعة: "ويتصل بهذا ما أسماه الأصوليون في كتبهم كالرازي في المحصول بالنسخ العقلي، وهو أثر ذهاب المحل في الحكم، وهو تعبير أدق؛ لأن العقل لا ينسخ الأحكام المستقرة وذلك بإجماع الأمة، ولكن الحكم لا يطبق إذا ذهب محله؛ فالأمر بالوضوء جعل غسل اليد إلى المرفقين من أركانه، فإذا قطعت اليد تعذر التطبيق أو استحال، وكذلك الأحكام المترتبة على وجود الرقيق، والأحكام المترتبة على وجود الخلافة
(١) كتاب غياث الأمم، ص٢٦٩ - ٢٧٠، ط دار الدعوة- الإسكندرية، الطبعة الثالثة.