وقد اقتص د. علي جمعة من هذا الكتاب جزءًا من الحكايتين اللتين ذكرهما حتى لا نرى النوادر والغرائب التي بهما، والحكاية الأولى كما وردت في نشوار المحاضرة هي:(حدثني أبو الحسين محمد بن عبد الله المعروف بابن نصرويه، قال: قبل التيمي القاضي كان قديمًا عندنا بالبصرة ستة وثلاثين ألف شاهد، قي مدة ولايته، فقلت له: هذا عظيم، فكيف كان ذلك؟ فقال لي: كان القضاة على مذهب أبي حنيفة وغيره من الفقهاء، في أن الناس كلهم عدول، على الشرائط التي تعرفها، وكان يشهد الناس عند التيمي بأسرهم، فإذا سمع شهاداتهم، سأل عنهم، فيزكون، فيقبلهم، وكان الناس يشهد بعضهم لبعض، من الجيران، وأهل السوق، ولا نعرف ترتيب قوم مخصوصين للشهادة، إلى أن ولي إسماعيل، قال: وكان مبلغ من قبله التيمي ستة وثلاثون ألف شاهد، منهم عشرون ألفاً لم يشهدوا عنده إلا شهادة واحدة)(١) والخبر الثاني الذي اقتطع بعضه ووضع نقاطًا في الموطن الذي يدل على التندر هو قول التنوخي: (سمعت قاضي القضاة أبا السائب عتبة بن عبيد الله بن موسى يقول: الشاهد إذا لم تكن فيه ثلاث خلال من خلال أهل النار صار هو من أهل النار، فقلت له: ما هي؟ فقال: قلة الحياء؛ لأن الشاهد إذا كان مستحيًا أجاب إلى كل محال يسأله، فيذهب دينه، ويصير من أهل النار، والحياء في الأصل من الإيمان، وأهل الإيمان في الجنة، كما روي في الخبر، فقلة الحياء من خصال أهل النار، فهذه واحدة. والثانية: أنه يحتاج أن يكون فيه سوء الظن؛ لأنه متى أحسن ظنه تمت عليه الحيلة والتزويرات، فيشهد بالمحال، فيدخل النار، وإذا كان سيئ الظن سلب، وسوء الظن في الأصل إثم، كما قال الله تعالى، والإثم من خصال أهل النار. وذكر الأخرى وقد أنسيتها أنا. ثم قال: ما ظنكم ببلد فيه عشرات ألوف الناس، ليس فيهم