أن وصل إلى جهان آباد كرسي مملكة الهند فضبطها بعد قتال كثير، ثم أنه صالح سلطانها شاه محمد وأخذ من الهند أموالا كثيرة لا تعد ولا تحصى ورتب على شاه محمد كل عام أن يرسل خزينة من الأموال معلومة الأجناس والعدد، فارتحل من الهند وتوجه تحت تركستان واستولى على بلخ وبخاري والحاصل أن الأفغان والتركستان وجميع أهل إيران أطاعوه، وتزعم العجم أن الهند ـ شاههم شاه محمد ـ بايعوه، وأن الشاه محمد وكيل عنه، ولأجل ذلك لقب نفسه شاهنشاه وأمر أن لا يسمى إلا بهذا الاسم، وأوعد من يطلق عليه غير هذا الاسم. ثم توجه نحو داغستان يريد اللزك، وهو في هذه المدة لا تنقطع سفراؤه ورسله عن الدولة العثمانية، فتارة يطلب منهم حد الرها إلى ما وراء عبادان، وأن هذا ملكه بحسب الإرث عن تيمور الذي يدعى أنه وارثه ويطلب منهم أيضا التصديق بأن المذهب الشيعي الذي هم عليه الآن هو مذهب جعفر الصادق وأنه حق! ويقولون: مذاهب الإسلام خمسة، ويطلب أن يكون له ركن خامس في الكعبة! ويطلب أن يكون هو الذي يباشر طريق الحج من طريق زبيدة فيصلح البرك والآبار وغير ذلك، ويطلب أن يكون أمير الحاج، وإذا ذهب من طريق العراق يذهب واحد من طرفه بالناس ويرجع ...
ولم يزل هذا دأبه وديدنه وهو يسعى في الأرض بالفساد حتى أخرب أكثر أراضي العراقيين، وظهر الخلل فيها إلى عام ١١٥٦ فجاء إلى عراق العرب بجحافل متواترة وجنود متوفرة عدد الرمل والحصى، وبث سراياه وعساكره في تلك الأراضي، فأبقى لحصار بغداد نحو سبعين ألفا وأرسل لحصار البصرة نحو تسعين ألفا، فحاصروها مدة ستة أشهر إلا أن البصرة ضاربوها بالطوب (أي المدفع) والقنابر والبنادق،