المسيح، فقد كان شاهداً عند خلق السماوات والأرض. (انظر التكوين ١/ ٢)، وكان مع بني إسرائيل طويلاً "أين الذي جعل في وسطهم روح قدسه"(إشعيا ٦٣/ ١١).
وكان لروح القدس دور في ولادة عيسى، حيث أن أمه " وجدت حبلى من الروح القدس "(متى ١/ ١٨)، فدل ذلك على وجوده، كما اجتمعا سوياً يوم تعميد المسيح، حين "نزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة"(لوقا ٣/ ٢٢)، وأعطاه المسيح للتلاميذ قبل ذهابه حين قال لهم:" ولما قال هذا نفخ، وقال لهم: اقبلوا الروح القدس"(يوحنا ٢٠/ ٢٢)، وحسب الرهبانية اليسوعية:"ونفخ فيهم، وقال: خذوا الروح القدس".
وهكذا فالروح القدس موجود مع المسيح وقبله، وقد أعطي للتلاميذ، وأما المعزي أو الروح القدس القادم، فهو " إن لم أنطلق لا يأتيكم "، فهو ليس الروح القدس الذي يتحدث عنه المسيحيون.
- ومما يدل على بشرية الروح القدس أنه من نفس نوع المسيح، والمسيح كان بشراً، وهو يقول عنه:"وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر"، وهنا يستخدم النص اليوناني كلمة ( allon) وهي تستخدم للدلالة على الآخر من نفس النوع، فيما تستخدم كلمة ( hetenos) للدلالة على آخر من نوع مغاير. وإذا قلنا إن المقصود من ذلك رسول آخر أصبح كلامنا معقولاً، ونفتقد هذه المعقولية إذا قلنا: إن المقصود هو روح القدس الآخر، لأن روح القدس واحد وغير متعدد.
- ثم إن الآتي عرضة للتكذيب من قبل اليهود والتلاميذ، لذا فإن المسيح يكثر من الوصية بالإيمان به وأتباعه، فيقول لهم:" إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي "، ويقول:" قلت لكم قبل أن يكون، حتى إذا كان تؤمنوا "، ويؤكد على صدقه فيقول:" لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به".