وفي رده يبين رحمة الله الهندي أن ما جاء في الأعمال وعد آخر لا علاقة له بالبارقليط الذي تحدث عنه يوحنا فحسب، فقد وعدوا بمجيء الروح القدس في وعد آخر، وتحقق الموعود بما ذكر لوقا في الأعمال. أما ما ذكره يوحنا عن مجيء البارقليط فلا صلة له بهذه المسألة.
كما اعترض آخرون من النصارى على انطباق هذه النبوءة على نبينا - صلى الله عليه وسلم - لأن البارقليط سيرسله المسيح " ولكن إن ذهبت أرسله إليكم"، ومثله في قوله:"المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب"، في حين أن محمداً رسول الله لا المسيح.
وقد تغافل القائل عن قول الله:"المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب"، فهو رسول الآب، ونسبة الإرسال إلى المسيح مجازية غير حقيقية، ومثلها في قوله:" قال لها ملاك الرب: تكثيراً أكثر نسلك، فلا يعد من الكثرة "(التكوين ١٦/ ١٠)، والمكثِّر المبارك لنسل هاجر وغيرها هو الله، وليس ملاكه، لكن لما كان الملاك هو واسطة الإخبار نسب الفعل إلى نفسه.
ونحو هذا الصنيع وقع في سفر الملوك، فقد نسب النبي إيليا إلى نفسه العقوبة الإلهية التي سيعاقب بها الربُ الملكَ اخآب، فقد " قال اخآب لايليا: هل وجدتني يا عدوي؟ فقال: قد وجدتك، لأنك قد بعتَ نفسك لعمل الشر في عيني الرب، هانذا أجلب عليك شراً، وأبيد نسلك، وأقطع لاخآب كل بائل بحائط ومحجوز ومطلق في إسرائيل"(الملوك (١) ٢١/ ٢٠ - ٢١)، فقد نسب النبي إيليا إلى نفسه ما هو في الحقيقة صنيع الله وعقوبته، وهذه النسبة غير حقيقية، ولكنه استحقها لكونه المبلِغ عن الله لهذه العقوبة.
ومثله سواء بسواء ما قاله المسيح في نبوءته عن البارقليط.
وبذلك فإننا نرى في البارقليط النبوءة التي ذكرها القرآن الكريم {وإذ قال