أما المسيح المنتظر، الملك القادم فليس من ذرية داود، كما شهد المسيح بذلك "فيما كان الفريسيون مجتمعين سألهم يسوع قائلاً: ماذا تظنون في المسيح، ابن من هو؟ قالوا له: ابن داود، قال لهم: فكيف يدعوه داود بالروح رباً قائلاً: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك؟ فإن كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه؟ فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة، ومن ذلك اليوم لم يجسر أحد أن يسأله بتة"(متى ٢٢/ ٤١ - ٤٦)، فالمسيح - عليه السلام - يشهد بصراحة أنه ليس المسيح المنتظر.
والمسيح - عليه السلام - لا يمكن أن يحقق النبوءات المبشرة بالملك العظيم القادم، ولا يمكن أن يصبح ملكاً على كرسي داود وغيره، لأنه من ذرية الملك الفاسق يهوياقيم بن يوشيا، أحد أجداد المسيح كما في سفر الأيام الأول " بنو يوشيا: البكر يوحانان، الثاني يهوياقيم، الثالث صدقيا، الرابع شلّوم. وابنا يهوياقيم: يكنيا ابنه، وصدقيا ابنه"(الأيام (١) ٣/ ١٤ - ١٥)، فيهوياقيم جد للمسيح (حسب روايات الكتاب المقدس)، واسم يهوياقيم أسقطه متى من نسبه المزعوم للمسيح، بين يوشيا وحفيده يكنيا.
وقد حرم الله الملك على ذريته كما ذكرت التوراة " قال الرب عن يهوياقيم ملك يهوذا: لا يكون له جالس على كرسي داود، وتكون جثته مطروحة للحر نهاراً وللبرد ليلاً ... "(إرميا ٣٦/ ٣٠)، فكيف يقول النصارى - الذين يزعمون أن المسيح من ذرية يكينيا ابن الفاسق يهوياقيم - بأن الذي سيملك ويحقق النبوءات هو المسيح؟!
ثم إن التأمل في سيرة المسيح - عليه السلام - وأقواله وأحواله يمنع أن يكون هو الملك القادم، الملك المنتظر، فالمسيح لم يملك على بني إسرائيل يوماً واحداً، وما حملت رسالته أي خلاص دنيوي لبني إسرائيل، كذاك النبي الذي ينتظرونه، بل كثيراً ما هرب المسيح خوفاً من بطش اليهود، فأين هو من الملك الظافر الذي يوطِئه الله هامات أعدائه، وتدين الأرض له ولأمته.