أما الكتب التي وردت بها هذه البشارات فقد سبق لنا التعريف بحالها، واستشهادنا بها ليس تزكية لها، إنما هو غوص وتنقيب عن القليل من أثارة النبوة في سطورها، هذا القليل نؤمن به ولا نكذبه، إذ هو مصدق لما بين أيدينا، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - مثبتاً وجود حق في هذه الكتب: ((لا تسألوهم عن شيء، فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به ". (١)
فإذا جاء في هذه الكتب ما تشهد له آيات القرآن ونصوص السنة، فهذا شهادة بأن ذا قد سلم من التحريف أو سلم من كثير منه {ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب}(الرعد: ٤٣).
وقد حوى الكتاب المقدس - رغم ما تعرض له من العبث والتحريف - الكثير من النبوءات المبشرة بالنبي الخاتم، والتي لم تتحقق، ونتساءل متى ستتحقق، وقد مرّ على مقدم المسيح - عليه السلام - زهاء ألفي سنة من غير أن تتحقق هذه النبوءات؟ إن دعوى عدم تحقق هذه النبوءات مع تطاول الأيام يزري بالكتاب المقدس عند قارئيه.
لذا فإننا نوجه دعوة صادقة للتمعن في نبوءات الكتاب وقراءتها قراءة جديدة في ضوء ظهور الإسلام ونبيه، ونحن على ثقة بأن ذلك سيفضي إلى كشف الحقيقة والإيمان بنبوة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
ولا نقول ذلك رجماً بالغيب، بل هي الحقيقة التاريخية التي أعلن عنها كل من تبصر في أمر هذا النبي وأحواله، فقد شهد هرقل ملك الروم برسالته حين جاءه كتاب النبي فأرسل إلى روما يسأل عن خبر النبي الخاتم، فلما جاءه الرد قال لقومه: "يا معشر الروم: إني قد جمعتكم لخير، إنه قد أتاني كتاب من هذا الرجل يدعوني إلى دينه، وإنه