الفترة فحسب، ومثل هذا الاستخدام معهود في التوراة، يقول سفر الملوك:"فبرص نعمان يلصق بك وبنسلك إلى الأبد"(الملوك (٢) ٥/ ٢٧)، فالأبدية هنا غير مقصودة، وإلا لزم أن نرى ذريته اليوم أمة كبيرة تتوالد مصابة بالبرص.
وفي سفر الأيام "وقال لي: إن سليمان ابنك، هو يبني بيتي ودياري، لأني اخترته لي ابناً، وأنا أكون له أباً، وأثبت مملكته إلى الأبد"(الأيام (١) ٢٨/ ٦)، وقد انتهت مملكتهم منذ ما يربو على ألفين وخمسمائة سنة على يد بختنصر البابلي، فالمراد بالأبدية الوقت الطويل فحسب.
ووقتَّ سفر التثنية الأبدية بما يساوي عشرة أجيال، فقال:"لا يدخل عموني ولا موآبي في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر، لا يدخل منهم أحد في جماعة الرب إلى الأبد، من أجل أنهم لم يلاقوكم بالخبز والماء"(التثنية ٣٣/ ٣ - ٤)، فالجيل الحادي عشر للمؤابي غير محروم من جماعة الرب، وهو دون الأبد والقيامة.
ومثله قول دانيال لنبوخذ نصر:"فتكلم دانيال مع الملك: يا أيها الملك عش إلى الأبد"(دانيال ٦/ ٢١)، أي عش طويلاً.
نعم لقد استبدلت البركة باللعن والطرد، فقد رذلهم الله واستبدلهم بغيرهم بعد أن تنكروا لشرعه ودينه " والآن إليكم هذه الوصية أيها الكهنة، إن كنتم لا تسمعون ولا تجعلون في القلب لتعطوا مجداً لاسمي، قال رب الجنود: فإني أرسل عليكم اللعن، وألعن بركاتكم، بل قد لعنتها لأنكم لستم جاعلين في القلب، ها أنا ذا أنتهر لكم الزرع، وأمدّ الفرث على وجوهكم"(ملاخي ٢/ ١ - ٣).
وعليه نقول: إن العهد قد بدأ بإسحاق - عليه السلام -، وهو وعد أبدي متطاول إلى أجيال بعيدة، وهو ما تم حين بعث الله النبيين في بني إسرائيل، وأرسل إليهم الكتب، وأيدهم بسلطانه وغلبته على الأمم التي جاورتهم، وأقام لهم مملكة ظافرة إلى حين.