تهربون من دينونة جهنم، لذلك ها أنا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة، فمنهم تقتلون وتصلبون، ومنهم تجلدون في مجامعكم ... يا أورشليم يا أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين" (متى ٢٣/ ١٣ - ٣٧).
لذا حرمهم الله من أن يكون النبي الموعود القادم منهم، لأنهم نقضوا عهد الله وميثاقه، فلن يكون القادم من ذرية داود عليه السلام، أي لن يكون هو المسيح عليه صلوات الله وسلامه.
لقد كان السبب الرئيس في كراهية اليهود للمسيح - عليه السلام - أنه صدع بالحقيقة بين ظهرانيهم، فأعلمهم أن ملكوت الله واصطفاءه سينزع منهم، ويعطى لأمة أخرى، وإذا أردنا إثبات ذلك؛ فإننا نعود إلى أول محاولة آثمة راموا منها قتله، وذلك حين حدثهم عن انصراف النبي إيليّا عن أرامل بني إسرائيل إلى أرملة صيداوية، وأن النبي أليشع طهر نعمان السرياني دون سائر البرص الذين كانوا في بني إسرائيل (انظر لوقا ٤/ ٢٥ - ٢٧)، فكانت النتيجة أن " امتلأ غضباً جميع الذين في المجمع حين سمعوا هذا، وأخرجوه خارج المدينة، وجاؤوا به إلى حافة الجبل الذي كانت مدينتهم عليه حتى يطرحوه إلى أسفل" (لوقا ٤/ ٢٨ - ٢٩)، فكان هذا أول الشرر بين اليهود والمسيح - عليه السلام -.
وبعد فأسأل القارئ الكريم: أهذه الأمة التي توعدها الأنبياء تستحق بقاء البركة والنبوة فيها؟ وإن كان الجواب: لا، فمن ذا الأمة التي تكون مختارة ومصطفاة؟ من عساها تكون سوى الأمة الموعودة بالبركة مراراً من نسل إسماعيل عليه السلام؟ إن أمة من الأمم لم تدّع أنها تلك الأمة المصطفاة.