للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقتضي الخروج عن العدالة، وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ [ص ١٣] وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النجم: ٣١ ــ ٣٢].

فههنا احتمالان:

الأول: أن يقال: إن الفسوق يختص بالخروج الفاحش، فلا يسمَّى ارتكاب الصغيرة فسوقًا وإن كان عصيانًا، وقد يستدلُّ على هذا بقول الله تبارك وتعالى ــ بعد آية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ .. } الآية ــ: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات: ٧].

فكما أن الفسوق أعمُّ من الكفر؛ لأن من الفسوق ما هو دون الكفر، فكذلك يظهر أنّ العصيان أعمُّ من الفسوق، وأنّ من العصيان ما هو دون الفسوق.

الاحتمال الثاني: أن يُقال: الفسوق من الأشياء التي تتفاوت كالعلم مثلًا، فكما لا يوصَف من علم مسألةً أو مسألتين بأنه عالم على الإطلاق، فكذلك لا يوصف من فَسَق بصغيرة أو صغيرتين بأنه فاسق على الإطلاق.

[ص ١٤] والآية الأولى وهي قوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ} إنما بُنيت على من هو فاسق لا على من وقع منه فسوق.

<<  <   >  >>