للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والسمع والقدرة، والنملة والفيل كل منهما موصوف بذلك، إلا أن ما يقوم بالإنسان منها يتلاءم ويختلف عما يقوم بكل من النملة والفيل، فكل منهما صفاته تلائم ذاته.

والتماثل في الأسماء لا يلزم منه التماثل في المسميات، بل قد يكون هناك فارق كبير جداً بين المسميين، مع أن مسماهما واحد. ومثل هذا ما ذكر الله تعالى في الآخرة مما في الجنة، وموجود في الدنيا من جنسه، مثل الرمان والطير والأنهار والعسل، فما في الدنيا لا يقارن بما في الآخرة ولا يشابه به. كما قال ابن عباس رضي الله عنه "ليس في الدنيا من الجنة إلا الأسماء". (١)

فإذا كان هذا التفاوت بين المخلوقات، فلا شك أن التفاوت بين الخالق والمخلوق أعظم وأكبر بكثير من التفاوت بين المخلوقات بعضها مع بعض (٢).

القاعدة الثالثة: (قطع الطمع عن إدراك كيفية اتصاف الباري جل وعلا بالصفات).

مما يؤمن به السلف في باب صفات الله عز وجل أنهم يثبتونها ويؤمنون بها، وهم في الوقت نفسه يجهلون كيف يتصف الباري تبارك وتعالى بتلك الصفات.

وذلك لأن الله عز وجل قد أخبرنا بالصفات، ولكنه جل وعلا لم يخبرنا بالكيفية، كما أخبرنا جل وعلا بأنه سبحانه لا يمكن أن يحاط به علما، فقال جل وعلا {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} طه (١١٠) وقال جل وعلا {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} الأنعام (١٠٣).

فمن هنا كثر كلام السلف في أن الواجب على المسلم أن يؤمن بصفات


(١) ابن جرير الطبري ١/ ٣٩٢.
(٢) انظر مجموع الفتاوى ٥/ ٢٠٠ - ٢١٠.

<<  <   >  >>