للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الله عز وجل بلا كيف، كما سبق أن ذكرنا ذلك عن العديد منهم، وكما هو مشهور عن الإمام مالك (١) رحمه الله لما جاءه رجل فقال: الرحمن على العرش استوى كيف استوى؟ فقال: " الكيف غير معقول، الاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة " (٢).

وعن شيخه ربيعة (٣) أنه قال: " الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق" (٤). فذهبت هذه المقولة أصلا من أصول أهل السنة وهي أن الاستواء معلوم معنىً، لأن الاستواء في اللغة: العلو والارتفاع (٥).

أما كيفية استواء الخالق على العرش فهي مجهولة ولا نعقل كيف يكون ذلك، والإيمان بالاستواء واجب شرعا لورود النصوص العديدة به.

وعدم العلم بكيفية الصفات لا ينفي الصفات ولا يقدح في الإيمان بها وإثباتها. لأن الله عز وجل أخبرنا بالصفة ولم يخبرنا بالكيفية وطلب منا الإيمان بها ولا تنافي في ذلك، فإن هناك أشياء عديدة نؤمن بها من مخلوقات الله ونحن لا نعرف


(١) هو الإمام مالك بن أنس بن مالك الأصبحي أبو عبد الله المدني، الفقيه، إمام دار الهجرة. توفي سنة ١٧٩ هـ. التقريب ص ٣٢٦.
(٢) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (٣/ ٣٩٨)، الأسماء والصفات للبيهقي (ص ٤٠٨).
(٣) ربيعة بن فروخ التيمي، أبو عثمان، إمام حافظ فقيه مجتهد، كان بصيراً بالرأي، لقب «ربيعة الرأي» وكان من أئمة الاجتهاد. توفي سنة ١٣٦ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء ١٠/ ٨٩.
(٤) المصدران السابقان.
(٥) انظر: قول الأخفش في اللسان (١٣/ ٤١٤)، وانظر: صحيح البخاري مع الفتح، كتاب التوحيد (١٣/ ٤٠٣) باب وكان عرشه على الماء، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة (٣/ ٣٩٧).

<<  <   >  >>