للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بنفسها، فإذا كان هذا حال الأرض فالكواكب الأخرى لا شك مثلها في ذلك وهي أبعد عن أن تكون لها أرواح تدبر أمرها، وفي هذا الوقت اتضح كذبهم وظهر أكثر من ذي قبل خاصة بعد وصول أناس من البشر إلى القمر وما لم يصلوا إليه استطاعوا أن يصوروه أو يروه بالمكبرات فلم يتبين فيها إلا أنها أقل حالاً من الأرض بل إنها فاقدة لكل معاني الحياة على ظهرها، فبالتالي ادعاء أن لها أرواحاً وأنها مدبرة لهذا الكون أو موجدة لا يعدو أن يكون من الأساطير السخيفة التي لا تروج إلا على أسخف الناس عقلاً وأبعدهم عن الإدراك السليم.

سادساً: إن من نظر في قول الفلاسفة في إيجاد هذا الكون يدرك أنه مبني على أمرين:

الأمر الأول: نظر عقلي فاسد أوصلهم إلى أن الله ليس له أي صفة ثبوتية سوى الواحدية أو الأولية وهذا من أجل أن يتوصلوا إلى إثبات علة للوجود.

الأمر الثاني: الوثنية المغرقة في الضلالة والخرافة مما كان عليه المجتمع اليوناني في زمنهم من تأليه الكواكب واعتقاد أنها التي أوجدت هذا الكون وتتصرف فيه.

فركب الفلاسفة قولهم من هذين الأمرين وكلاهما واضح بطلانه ظاهر سخافته وتهافته.

وقبل أن ننهي الكلام عن قول الفلاسفة ودعاويهم في صفات الله تبارك وتعالى وفعله وإيجاده لهذا الكون لابد أن نشير إلى أمر مهم وهو:

أن الفلاسفة قد يكونوا أجادوا بعض الإجادة في الكلام عن بعض المخلوقات أو الأمور المعنوية المتعلقة بالسياسة أو التربية ونحو ذلك، وكلامهم هذا مهما بلغوا فيه من حسن القول والإجادة لا يلزم أن يكونوا أهلاً لأن يتكلموا فيما وراء طاقة الإنسان وقدرته سواء فيما يتعلق بالله عز وجل، أو

<<  <   >  >>