للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المخلوقات غير الظاهرة للعيان، فذلك غيب عن الإنسان، وعقل الإنسان وقدراته متعلقة بما يراه أو يرى شبيهاً له فيقيس عليه.

فحديثهم عن الله جل وعلا وحديثهم عن تكوين الكون ومادته وأصله كله كلام في أمر غير داخل تحت طاقتهم وقدرتهم، وكلامهم فيه لا يعدو أن يكون ككلام المتطفل على علم لا يحسنه. وهم في هذا مثل طبيب من أمهر الناس في الطب مثلاً هل يليق أن يذهب إليه أحد بناءً على حذقه في الطب فيسأله عن مسألة شرعية أو مسألة متعلقة بالسياسة أو مسألة متعلقة بالهندسة، لا شك أن هذا لا يليق ولا يصح.

ومن رام أن يأخذ من الطبيب جواب مسألة شرعية دقيقة أو مسألة متعلقة بالهندسة أو المحاسبة فهو مخطئ. فكذلك من رام أن يجد عند هؤلاء الفلاسفة علم ما يتعلق بالله عز وجل فقد أخطأ الطريق وأخطأ الهدف.

ثم إنه من رحمة الله عز وجل لما كانت وسائل البشر إلى معرفته المعرفة الصحيحة الكاملة مسدودة إلا من خلال الوحي أنزل الله في ذلك كتبه وأرسل رسله لتعليم الناس وتعريفهم به، وهذا من أعظم الرحمة وأعظم المنة من الله عز وجل على خلقه، لأنه بذلك يهيئ من شاء منهم إلى رحمته العظمى ورضوانه الأكبر في جنات عدن.

<<  <   >  >>