للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ما يأتي بيانه قال الذهبي في (الميزان) (١ / ٥٦) : (وما كل من روى المناكير ضعيف) . وقال الإمام ابن دقيق العيد: (قولهم: (روى مناكير) لا يقتضي بمجرده ترك روايته حتى تكثر المناكير في روايته وينتهي إلى أن يقال فيه: منكر الحديث لأن منكر الحديث وصف في الرجل يستحق به الترك لحديثه) . (راجع فتح المغيث للسخاوي ١ / ٣٤٦ - ٣٤٧)

الثاني: أن ابن غزوان هذا قد وثقه جماعة منهم ابن المديني شيخ البخاري وابن نمير ويعقوب بن شيبة والدارقطني وغيرهم وأخرج له البخاري في (صحيحه) فقد جاوز القنطرة كما يقول الذهبي في أمثاله وصحح حديثه هذا جماعة يأتي ذكرهم ومنهم الحافظ ابن كثير فقد قال في (السيرة) (١ / ٢٤٧) : (وهو من الثقات الذين أخرج لهم البخاري ووثقه جماعة من الأئمة والحفاظ ولم أر أحدا جرحه ومع هذا في حديثه غرابة ثم بين وجهها على النحو الآتي ذكره عن ابن سيد الناس فكيف استجاز البوطي كتمان هذه النصوص موهما القراء أن ابن غزوان ليس فيه إلا قول الذهبي: (له مناكير) مع أنه ليس جرحا على التحقيق كما سبق والواقع أنه ثقة عند الجمهور كما رأيت. أفليس هذا من الكتمان الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام: (من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار) . رواه ابن حبان في (صحيحه) والحاكم وصححه هو والذهبي فحسبه

وإن له من مثل هذا الكتمان الشيء الكثير كما يأتي ولا أذهب بك

[٦٧]

بعيدا فإنه لم ينقل كلام الذهبي بتمامه وكذلك صنع في كلام ابن سيد الناس وفي كلامي أيضا فهو يأخذ من كلامهم ما هو له ويدع ما هو عليه تدليسا وتعمية على الناس لأنه لو نقل كلام كل واحد منهم كاملا لظهر التناقض بين كلماتهم ولما استفاد هو من ذلك شيئا مطلقا في تأييد وجهة نظره فهو يريد بها دعم قوله المتقدم: (ولعل في سنده بعض اللين) وإذا بتمام كلامهم رد عليه لأن كلام ابن سيد الناس يؤيد صحة الإسناد وكلام الذهبي صريح في حكمه على الحديث بالوضع والبوطي لا يتبنى لا هذا ولا هذا ولذلك لم ينقله فتمام كلام الذهبي الذي تقدم ص ٦٦ ذكر أوله الذي اقتصر عليه البوطي: (. . . ومما يدل على أنه باطل قوله: (ورده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا) وبلال لم يكن بعد خلق وأبو بكر كان صبيا)

فأنت ترى أيها القاريء الكريم كيف أن البوطي أخذ من كلام الذهبي وتسلح به ضد تصحيح الألباني وترك هذه التتمة لأنها ترد عليه تبنيه للقصة ولو على مرتبة (بعض اللين) لأن الذهبي يصرح فيها بالبطلان ولو أنه كان عالما حقا أمينا لنقل التتمة ورد عليها بالحجة والبرهان ولكن أنى له ذلك وهو عاجز عن الرد بها على الألباني فكيف يرد على الحافظ الذهبي؟

فإن قيل فهذه التتمة فيها رد عليك أيضا فالجواب نعم ولكني قد رددت عليها مفصلا بعد أن نقلت كلامه هذا في (الميزان) وكلامه في (التلخيص) وكلامه في (تاريخ الإسلام) في مقال لي كنت نشرته في العدد الثامن من المجلد السادس من مجلة (المسلمون) محرم سنة ١٣٧٩ تحت عنوان (حديث تظليل الغمام له أصل أصيل) ردا على الأستاذ على الطنطاوي الذي زعم يومئذ أنه لا أصل له فمن شاء التفصيل فليرجع إليه

وخلاصة الرد عليه من وجهين:

[٦٨]

<<  <   >  >>