للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطَّرِيقَة الأولى: أَن يسْتَبْدل الْخلق الجاهلي بِخلق إسلامي إيماني.

الطَّرِيقَة الثَّانِيَة: استبدال نِيَّة الخُلق إِن كَانَ الخُلق حسنا.

وَمن الْمَعْلُوم أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانَت لَهُم أَخْلَاق حَسَنَة كالشجاعة وَالْكَرم وَغَيرهَا وَلَكِن كَانَت مقاصدهم فِيهَا سَيِّئَة، فيقصدون من وَرَاء ذَلِك الْفَخر وَكسب ثَنَاء النَّاس ومدحهم، فجَاء الْإِسْلَام وَغير تِلْكَ الْمَقَاصِد، فَجعل من قَاتل شجاعة فَهُوَ فِي سَبِيل الشَّيْطَان وَمن قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا فَهُوَ فِي سَبِيل الله ويثاب على ذَلِك وَمن أنْفق ليقال جواد فَهُوَ فِي سَبِيل الشَّيْطَان وَيَأْثَم على ذَلِك وَمن أنْفق فِي سَبِيل الله نَالَ الْأجر والمثوبة من الله. قَالَ الْبَاجِيّ: كَانَت الْعَرَب أحسن النَّاس أَخْلَاقًا بِمَا بَقِي عِنْدهم من شَرِيعَة إِبْرَاهِيم وَكَانُوا قد

ضلوا بالْكفْر عَن كثير مِنْهَا فبُعث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليتم محَاسِن الْأَخْلَاق بِبَيَان مَا ضلوا عَنهُ وَبِمَا قضى فِي شَرعه. وَقَالَ ابْن عبد الْبر: يدْخل فِيهِ الصّلاح

وَالْخَيْر كُله وَالدّين وَالْفضل والمروءة وَالْإِحْسَان وَالْعدْل فبذلك بعث ليتممه (١)

أَيْضا أخبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أحاسن النَّاس خلقا أقربهم مِنْهُ مَجْلِسا يَوْم الْقِيَامَة. عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:

((إِن من أحبكم إِلَيّ وأقربكم مني مَجْلِسا يَوْم الْقِيَامَة، أحاسنكم أَخْلَاقًا. وَإِن أبغضكم إِلَيّ وأبعدكم مني يَوْم الْقِيَامَة الثرثارون، والمتشدقون، والمتفيهقون)) قَالُوا يَا رَسُول الله قد علمنَا الثرثارون والمتشدقون فَمَا المتفيهقون؟ قَالَ: ((المتكبرون)) رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن (٢) وَكَذَلِكَ كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر بمعاملة النَّاس بالخلق الْحسن ويقرن ذَلِك بالتقوى


(١) انْظُر التَّمْهِيد لِابْنِ عبد الْبر (٢٤/٣٣٤)
(٢) أخرجه التِّرْمِذِيّ ك: الْبر والصلة رقم (١٩٤١) وَأخرجه أَحْمد فِي الْمسند رقم (٢/١٨٩) وَحسنه الألباني (الصَّحِيحَة رقم: ٧٩١)

<<  <   >  >>