ودعوة الاسلام صريحة في ان العقل لا يمكن ان يستقل بمعرفة الله، ولا ان يهتدي اليه إلا إذا صحبه في تطوافه إلى تلك الغاية قلب يتلقى عنه كل مدركاته فيجعلها عواطف وأحاسيس تشيع في النفس روعة وجلالا. ومن خلال هذا الشعور بالروعة والجلال يرى المرء خالقة الواحد الاحد المتفرد بالعظمة والجلال.
ولهذا كان الإسلام دين الفطرة .. والفطرة ليست عقلا صرفا ولا عاطفة محضا، وإنما هي مزيج من العقل والعاطفة إذا التقيا فلم يطغ أحد هما على الآخر كانت الفطرة سليمة تنشد الله وتعرف سبيلها اليه من أقرب السبل.
وتلك الفطرة مركوزة في النفس البشرية تتحرى إلى اداء وظيفتها منذ تتفتح مشاعر المرء وتستيقظ مداركه، وعلى هذا الوجه من الفهم للفطرة أحب ان أفهم قوله تعالى:(وَإِذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنيِ آدَمَ مِن ظُهُورهِمْ ذُرّيتَهُمْ، وَأشْهَدَهُم عَلَى أنْفُسِهِم ألستُ بربِكُمْ قالوُا بَلى شَهدنَا .. أنْ تَقولُوا يَومَ القيامَةِ إنّا كنّا عَن هذَا غَافليِن). وكيف يغفل المرء عن الله وفيه هذه الغريزة المتطلعة إلى الله المتشوقة إلى الوصول اليه.
والتعرف إلى الله عن طريق هذه الفطرة امر سهل ميسور لا يحتاج إلى علم غزير أو نظر فلسفي، وإنما تكفي فيه النظرة الخالصة في صفحات هذا الوجود، نظرة في الأرض أو