للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المحدودة في عوالم لا نهاية لها نريدها على ان تحيط به وتخضع حقيقته لما تخضع له حقائق الأشياء في عالمنا المحدود؟

لماذا لا نقف من هذا الخالق العظيم موقفنا من النغم الموسيقي نلتذ سماعه، أو البحر نتملى جماله؟ ولم نعدل عن هذا إلى مسابقة النغم في مسراه أو مطاولة البحر في عظمته؟ ذلك هو الضلال البعيد.

ان العقل مهما بلغ من القوة والذكاء ليس إلا حاسة من حواس التي تربطنا بعالمنا المحدود، فكما يكون للعين مدى تنتهي عنده مقدرتها على الابصار فلا تدرك ما وراء هذا المدى من مرئيات إلا اشباحا باهنة وصوراً شائهة لا تعني من الحق شيئا .. وكذلك الشأن في كل حاسة من حواسنا لكل مجال تعمل فيه، وتؤدي وظيفتها كاملة في حدوده، فاذا اريد بها الخرود عن هذا المجال ضلت واضلت. وكذلك شأن العقل وهو حاسة الادراك له مجاله المحدود الذي يعمل فيه ويدرك حقائق الأشياء في محيطه، فان ان اتى إلا ان يركب متن الشطط ويستوي على ظهر الغرور، انزلق إلى ظلمات الضلال وتقطعت به إلى الحقيقة الأسباب.

ولسنا نريد بهذا ان نمسك العقل عن التفكير والبحث في التعرف إلى الله، فهو الطريق الطبيعي اليه، وإنما نريد ان يهج العقل بهجا قاصدا في البحث عن الله فلا يندفع وراء الخيالات والفروض، ولا يشط في التطلع إلى ما فوق طاقته، وليتعرف بقصوره عن ادراك الحقيقة وعجزه عن تناولها،

<<  <   >  >>