سلك .. إنسان يدعى انه يحي ويميت .. وتلك دعوى عريضة لو تحداه إبراهيم بتحقيقها لاعجزه وكشف أمره ..
ولكن من يدري لعل هذا الطاغية المتكبر تاخذه العزة بالإثم فيمضى في دعواه ويركب رأسه دفاعا عن كبريائه فيمثل الشهود صورا من قدرته على الإماتة والاحياء، وربما عمد إلى إنسان من رعيته ويقول: هذا قد احييته لأني اردت له الحياة! ثم يعمد إلى آخر فيضرب عنقه ويقول: هذا قد امته لأني قد أردت له الموت! ثم يرفع رأسه مزهوا منتصراً. …
وما لإبراهيم يكلف نفسه دحض هذا الافتراء، وعقد المقارنة بين صور الاحياء والإماتة من جانب الله، وبين هذه الصورة الممسوخة من صور الإماتة والإحياء .. ما له يدخل في هذا الجدل الطويل واماه مثل آخر لقدرة الخالق لا يستطيع ان يقول فيه هذا الجاحد، يقول:(إنَّ الله إنّ بالشمسِ منَ المشرقِ فأتِ بها منَ المغربِ. فَبهتَ الذي كفر).
بهذه الصورة الفطرية الساذجة انقطعت حجة وبطل كيد (بلْ نقذفُ بالحقَّ على الباطلِ فيدْمَغهُ فإذا هو زاهقٌ).
ان الذين ضلوا السبيل إلى الله أحد رجلين: رجل حرم نعمة العقل ولم يؤت حظا من الفهم والإدراك فهو والسائمة سواء، لا يلفته جمال ولا يوقظ مشاعره مشرق صبح أو سدفة مساء (أولئك كالأنْعامِ بلْ هُم أضلُ سبيلاً).