ورجل خدعة ذكاؤه وغره وخيل اليه انه قادر على أن يخرق الأرض أو يبلغ الجبال فمدّ بصره إلى ما وراء الأفق البعيد وضرب في بيداء التيه والضلال فكان اشبه بالفراش .. غرق في النور فاحترق بالنار.
وبعد، فهذا المؤلف ثمرة عقل كبير ناضج .. عقل وسع ثقافة العصر واحاط بالكثير من دقائقها، حتى صار صاحية رئيساً للمجمع العلمي بأمريكا .. وذلك منصب يرقى اليه إلا العباقرة الأفذاذ من العلماء.
وغاية المؤلف من هذا البحث الوصول إلى الله عن طريق العقل وما يتكشف له بالعلم والمعرفة من اسرار الكون وعجائبه .. فكلما تكشفت له حقيقة من الحقائق هتف من أعماقة: سبحان الخالق المبدع .. اعترافاً من بأن الإنسان وما سخر له العلم والمعرفة من وسائل القوة والاقتدار اضعف من أن يبلغ من أسرار هذا العالم شيئاً مذكوراً.
(يا أيها النّاسُ ضرب مثلٌ فاستمعوا لهُ إنّ الذّينَ تدعونَ من دونِ الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا لهُ، وإن يسلُبْهُم الذباب شيئاً لا يستنفذوهُ منهُ - ضعفَ الطالبُ والمطلوبُ)
لم يكن المؤلف عالما وحسب ولكنه كان أيضاً شاعراً، كلما تناول عقله حقيقة من الحقائق اشرق قلبه بها، فسرت في كيانه هزه الإكبار والاجلال لخالق الكون ومبدعه، وتلك هي دموة الفطرة السليمة إلى الله وطريقها اليه .. ومن هنا