في الاشتغال بمطالب العيش، والاغتمار في غمرة الحياة، ينسى الناس ان يفكروا، فيتساءلون: ما الغاية من هذا الوجود؟ وما اشتغال بعيش، وما إغتمار حياة، وقد ينتبه الناس من غفلة، أو يستيقظون من نومة، إذا اصابهم مرض، أو اصابهم عجز، أو نابتهم نائبة. وشر النوائب عندهم الموت، ينزل بقريب، أو ينزل بحبيب، ففي هذه الفترات السوداء، البارقة في سوادها يتوقف الناس يستخبرون: من اين جئنا، والى أين المصير؟
ولكنها فترات لا تطول، فحوافز العيش تعود فتحفز ويشتد حفزها، والحياة تعود تهتف بحاجاتها ويشتد هتافها، والإنسان منا يلبي جبرا لا اختياراً، ويتركز على يومه، وينسى أمسه الذي كان، وينسى يومه الذي سوف يكون، إلا من حيث ما يطعم، ويلبس، ويلد، ومن حيث ينعم أو يشقى بالحياة.
ولكن مع كل هذا، فمن تحت صخب النهار، ومن بين الاصوات الصارخة في معركة العيش، يحس الإنسان منا صوتا خافتا يحاول دائما ان يصل إلى الآذان. وهو يصل اليها عندما يتعب القائم فيحتاج إلى القعود، وعندما يجهد الجاهد فيتصبب عرقا فيأوى إلى ركن هادئ يخفف عن