وجهه عرقه الصبيب. أو هو يصل اليه في هدأة ما الليل، وهو قاعد في العراء، يرعى أشياء هذه الأرض، ويرعى على الأكثر أشياء هذه السماء.
وهو إذ يرعى السماء، يرعى أشياءها، يرعى نجومها، يزداد هذا الصوت الخافت في آذانه ثم يزداد، حتى يصير صراخا: هذه السماء ما هي؟ وهذه النجوم ما اعدادها، وما أبعادها؟ وما فتات من النور المبعثر في هذه القبة البلقاء بعثرة الرمال في الصحراء؟ وكيف تحور هذه القبة وكيف تدور؟ وما شروق لها وما غروب؟ وما نسق وأنساق تجري عليها، ومواعيد تضر بها فلا تخلف أبدا؟
ويأخذ ينعم النظر رافعا بصره، وهو إذ يملأ بالذي يراه عينا، يملا في فكرا، ويملأ به قلبا. وعندئذ يرى تلك الصور وفي تجري في أزمة يجمعها آخر الامر زمام واحد، ويرد تلك المعاني، وهي مختلفة كاختلاف الوان الطيف من أحمر وأصفر وأزرق، ثم تجتمع كما يجتمع الطيف فيكون منه لون أبيض واحد، ويرد كل هذه المعاني، ويرد كل هذه الصور، وكل هذه المباني، إلى يد صناع واحدة، تحركها ارادة عاقلة منسقة هادية واحدة.