للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال: «فينبغي أن يُحمل كل ما جاء في الأحاديث مما ينافي مقتضى هذا الائتمام ــ ولم يُعلَم تاريخه ــ على ما قبل أوامر الائتمام ونواهي الاختلاف».

أقول: سيأتي إن شاء الله تعالى النظر فيما ذكروه من أوامر الائتمام ونواهي الاختلاف، وهناك يُنظَر فيما ذكره العثماني إن شاء الله تعالى.

فصل

ذهب بعض أئمة الحنفية بالهند (١) إلى أن أصل القصة إنما هي أن معاذًا كان يصلِّي المغرب مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم يرجع إلى قومه فيصلّي بهم العشاء.

واستدل بما روي عن جابر: «كنا نصلِّي مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - المغرب، ثم نأتي بني سلمةَ ونحن نُبصِر مواقعَ النَّبْل». «مسند» (٣/ ٣٨٢) (٢).

فهذه عادة بني سلمة قومِ معاذ، فلا بد أن تكون عادة معاذ أيضًا، كيف وقد جاء ذلك نصًّا في حديث الترمذي (وقد مرَّ)، ولكن حُذِفَت كلمة المغرب من العبارة، فصارت هكذا ــ مثلاً ــ: «كان معاذ يصلي مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - (المغربَ)، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم العشاء، فصلَّى بهم ليلةً فقرأ بالبقرة ... ».

فلما حُذِفت كلمة «المغرب» توهَّم السامعون أن المراد: «كان معاذ يصلِّي مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيصلِّي بهم العشاء». فلما توهَّموا هذا تصرَّفوا في الألفاظ، على قاعدة الرواية بالمعنى.

يقول عبد الرحمن: ليس فيما ذكره ما يَصلُح للتشبث، فإنه إن ثبت أن معاذًا كان يصلِّي المغرب مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم يرجع إلى قومه فيصلِّي بهم


(١) هو الشيخ أنور شاه الكشميري كما سبق (ص ٢٢٢).
(٢) (٢٣/ ٣١٩) (١٥٠٩٦) ط. الرسالة. وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (٣٣٧).

<<  <   >  >>