وقال سبحانه:{وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ}[الصافات: ١١٣][الصافات: ١١٣] وقال: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا}[مريم: ٣١][مريم: ٣١] فالذي يبارك هو الله - جل وعلا -، فلا يجوز للمخلوق أن يقول: باركت على الشيء، أو أبارك فعلكم؛ لأن البركة وكثرة الخير ولزومه، وثباته، إنما ذلك من الذي بيده الأمر، وهو الله - عز وجل -.
وقد دلت النصوص في الكتاب والسنة على أن الأشياء التي أحل الله - جل وعلا - البركة فيها قد تكون أمكنة أو أزمنة؛ وقد تكون مخلوقات آدمية، فهذان قسمان:
القسم الأول: أن الله - تعالى - بارك بعض الأماكن كبيت الله الحرام، وحول بيت المقدس، كما قال سبحانه:{الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}[الإسراء: ١][الإسراء: ١] ومعنى كون الأرض مباركة: أن يكون فيها الخير الكثير اللازم يعني - أبدا - أن يُتَمَسَّح بأرضها، أو أن يُتَمَسَّح بحيطانها، لأن بركتها لازمة لا تنتقل بالذات، يعني: أنك إذا لامست الأرض، أو دفنت فيها، أو تبركت بها، فإن بركتها لا تنتقل إليك بالذات، وإنما بركتها من جهة المعنى فقط.
كذلك بيت الله الحرام هو مبارك لا من جهة ذاته، يعني: ليس كما يعتقد البعض أن من تمسح به انتقلت إليه البركة وإنما هو مبارك من جهة المعنى، يعني: اجتمعت فيه البركة التي جعلها الله في هذه البنية، من جهة: تعلق القلوب بها، وكثرة الخير الذي يكون لمن أرادها، وأتاها، وطاف بها، وتعبد عندها، وكذلك الحجر الأسود هو حجر مبارك، ولكن بركته لأجل